Éric Dubreucq
انظر من خلال رابط المقال: هل من الضروري التخلي عن فوكو؟
لا ينبغي السماح
باستنتاج رغبة مشروعة في «تخطي فوكو»، إذ يتطلب الأمر، على العكس من ذلك، القيام
ببحث عن العلاقة بالذات، متخذين موضوعا له آليات الذات التي تنبني على التجربة
التربوية الحديثة، و متتبعين أعقاب جينولوجيا الروح تلك المذكورة أعلاه. إننا نجد
في تاريخ الجنسانية، و بالأخص في مجلديه الأخيرين، صياغة بحث عن تاريخ العلاقة
بالذات كمفاهيم و إشكاليات، و ممارسات، وتقنيات و تجارب([1]).
التاريخ و العلاقة بالذات
بدءا لابد من
بضع كلمات توضيحية بشأن ما نعنيه بال«علاقة بالذات»، المصطلح الذي أخذتُه، كما
أوضحت ذلك في مناسبة سابقة، من «فوكو الأخير». في مقدمته للجزأين الأخيرين من تاريخ
الجنسانية و أثناء حوار في موضوع «حول جينولوجيا[ته] الأخلاق»([2])،
يميز فوكو ثلاث مستويات من الدراسة. المستوى الأول يخص «القانون الأخلاقي»، والذي يمكن
تسميته أيضا بمستوى المتطلبات، أي ما «يحدد الأفعال المسموح بها أو الممنوعة،
القيم الإيجابية أو السلبية، لمختلف المواقف الممكنة». المستوى الثاني و يخص «الأفعال»،
أي «التصرفات [التي] تتحدد فيما يتخذه الأفراد من موقف فعلي إزاء الالتزامات
الأخلاقية المفروضة عليهم» - مستوى يتعلق، إن شئنا، بالممارسات. و في الأخير مستوى
ال«علافة بالذات»، الذي «يحدد الطريقة التي يجب على الفرد أن يبني بها نفسه كذات
أخلاقية مرتبطة بأفعاله الخاصة»([3]):
إذ تُعيِّن العلاقة بالذات مجال إنتاج الأنا كذات و تُصاغ كمحاولةِ تقديمِ وصفٍ
ومسلكٍ للوصول إليه. ذلك، وهذا في رأيي ما يشكل واحدة من أهم الأفكار لدى فوكو، أن
العلاقة البسيطة بين ال«نظريات» التي تنص على الما يجب أن يكون (فلسفة الأخلاق،
القيم التقليدية، الأوامر الدينية و الروحانية...) و على السلوكات ال«ممارَسة»، التي
يراد بها ما هو كائن، ما يفعله الناس، و يحيونه و يجربونه فعليا، هي علاقةٌ لا
تسمح بفهم ماهية العلاقة بالذات و لا بصياغة السؤال التالي أو الإجابة عليه: كيف
يصبح المرء موضوعا لتجربته الخاصة؟ من هذا المنظور، يمكن إضافة إمكانية عدم وجود مفاهيم
ثابتة ومترسخة عن الذات: لا يمكن اعتبار بنية الذاتية، على وجه الخصوص، على أنها
حقيقة واقعية وأنها ستتمكن، من حيث أن لها حضور منذ البدء، من أن تنكشف ببطء خلال
تاريخ هو بالتأكيد محتمل ومركب، علما أنه المتحمل لمسؤولية ضمان وجودها. إنها وبالتأكيد
أحد الوجوه –الأكثر حداثة- للعلاقة بالذات
التي تقوم حاليا بتجميع مجموع «أشكالها وأساليبها» المتخذة خلال تدفق التاريخ التي
ينبني «من خلالها الفرد و يتعرَّف على نفسه كذات»([4]).
أما فيما يتعلق بالعلاقة بالذات، ووفقا لفوكو، فمن الممكن التمييز بين أربعة مفاهيم
أو مظاهر. يتعلق الأول ب«الجوهر الأخلاقي»، أي «الجانب الخاص بالذات نفسها، المتمثل
في سلوك ذي علاقة بتصرف أخلاقي»([5](: فهو، مثلا، يقصد بها، وكما نعلم،
مثيرات الشهوة الجنسية aphrodisiai في العصور القديمة ، أو الجسد
الفاجر la chair concupiscible لدى المسيحية
أو النية في زمن كانط أو الاحساس – سبب إعادة توجيه تاريخ الجنسانية- بالصمت الطويل
التأملي الذي أضاف إرادة المعرفة
(1976) إلى البحث الذي قام به سنة 1984 –من تاريخ «ألعاب الحقيقة» إلى «تأويل
للذات»([6]).
أما المصطلح الثاني المتعلق بالعلاقة بالذات فيتمثل في « تأويلات الذات»
أو «التزهد». نقصد بذلك التقحنيات و الإجراءات التي من خلالها يؤثر كل واحد على
نفسه بغرض أن يصبح ما يجب أن يكون عليه، وهي تقنيات تتغير حسب الزمان
والمكان: ال«وسائل التي بفضلها يمكن لنا
أن نتغير كي نصير أشخاصا ككل الناس»([7]).
تتوافق هذه الإجراءات مع ما تسميه تاريخ الجنسانية ب«فنون الوجود»، أو ال«تقنيات»
أو «تقنيات الذات»:
نقصد من هذا ممارساتٍ مدروسةٌ و إراديةٌ تمكن الإنسان، ليس فقط من تثبيت قواعد
سلوكية، بل وأيضا السعي إلى تغيير شخصياتهم، و تعديل شخصياتهم في وجودهم المتفرد،
وأن يجعلوا من حياتهم عملا يحمل قيما جمالية و يلبي معايير نمط معين. «فنون الوجود»
و «تقنيات الذات» كليهما قد فقدت من، دون شك، جزءا من أهميتهما واستقلاليتهما، حينما
أدمجتا، معية المسيحية، في ممارسة سلطة كهنوتية، ثم فيما بعد في ممارسات ذات
نمط تربوي، طبي أو نفسي([8]).
جد موحية تلك
الإشارة المقتضبة إلى الممارسات التربوية، والتي تحيلنا بالتأكيد على المجلد
الثالث الذي من المفترض أن يشمله تاريخ الجنسانية في نسخة 1976: حملة الأطفال
و دروس كوليج دو فرانس الملقاة ما بين 1973 و 1975 المخصصة لسلطة التحليل
النفسي و لغير الأسوياء([9])،
هي جد موحية حتى وإن حرصنا على عدم المبالغة في تقديرها. هذا بالخصوص إن ربطناها
بالمظهرين الثالث و الرابع من العلاقة بالذات، التي تمت الإشارة إليهما ب«الغائية
الأخلاقية» و «نمط القهر»([10]).
نقصد بالغائية «نمط الإنجاز الأخلاقي» أو «نوع الفرد الذي ينبغي أن نصيِّره» -وهو
الشكل الذي ستكونه الصياغات الممكنة للإجابة على السؤال: «أي نوع من الكائنات نريد
أن نكونه حين نتصرف وفق سلوك أخلاقي معين؟ هل علينا، مثلا، أن نصير طاهرين،
خالدين، أحرار، أسياد أنفسنا، وما إلى ذلك؟». كيف و بأي طريقة تتحقق الذات
الأخلاقية من خلال علاقة بعينها بالذات كموضوع أخلاقي؟ يكون هذا إما عن طريقة
الإخضاع، أو التذوتُن subjectivation، «والذي بموجبه يعترف الأفراد بالالتزامات
الأخلاقية المفروضة عليهم»: والتي تتمثل، مع م. فوكو، في القانون الطبيعي في العصور القديمة، وفي الحق الإلهي لدى
المسيحية و في القانون العقلي مع الحداثة، وهو الذي يبدو أنه يعارض وجود مبدأ
جمالي للوجود في عصرنا([11]).
مقالات مهمة
جينيولوجية السلطةوالمؤسسة التعليمية: المراقبة والمعاقبة (الجزء 1)
المدرسة، فسحةللتفكير (الجزء الأول)
هذه الطريقة
هي التي حاولت تطبيقها بدءا على ميدان آخر غير التجربة التربوية- أقصد التجربة
الدينية التي بدت لي أكثر ملاءمة على استكشاف مدى تبلور العلاقة بالذات في أواخر العصور
القديمة: تفسير الذات و التطبيق على الذات للكتب المقدسة لدى أوغسطين (خاصة في اعترافاته)؛
مفارقة الحضور البارز للذات و للداخلانيّة المهجورة، لدى كل من مالبراش و باسكال،
بالنسبة للعصر الكلاسيكي. و عوض التخلي عن هذا المشروع، فإني أسعى إلى تطبيقه على
ممارسة تبدو لي مركزية بالنسبة للحداثة بقدر ما كان التفسير بالنسبة للعصور
المسيحية القديمة أو التأمل في عصر النهضة. بعبارة أخرى، ليس غرضي كتابة تاريخ
بشكل مجاني، و إنما محاولة توضيح الذات الإنسانية لا ككائن ميتافيزيقي، يكتفي
بذاته لذاته، والذي لن تكون أشكال تعبيراته التاريخية، على الأكثر، سوى أحداث
كاشفة فقط. الإبقاء على الإنسان الحديث، الذي وضع له «النظام الديموقراطي» تصورا إبان
بلورته في العصر الحديث والمعاصر، كشكل لا يمكن الاستغناء عنه في بناء العلاقة
بالذات، باعتباره نتيجة طبيعية لموقف يحيل في وقت جد مبكر إلى بحث تاريخي عن «جحيم»
لمعرفة مجانية، يعود بطريقة ما إلى الأخذ بالمعتقدات التي تشكل الطريقة التي يرتبط
بها كل واحد، بشكل أو بآخر، بنفسه، و بالأوامر والنواهي التي تنظم أنماط حياتنا،
باعتبارها بديهية ولا تقبل النقاش. يمكن تفهم اختيار التربية –من «مفاهيم تربوية»([12])
و خبرات طفولية- لاعتبار هذا البعد من الحداثة، والذي هو مجال التوترات و الصعوبات
الكبيرة، قد يكون البعد الذي يمكن من خلاله دراسة الأسرة أو مواطن ضعف الفكر
الحداثي بسهولة، و دراسة مجموع أشكال ومعايير العمل وتدبير علاقتنا بذواتنا دون علمنا. فالفكرة،
التي بدأت تطفو شيئا فشيئا ابتداءً من منتصف القرن 18، المرتبطة بوجود و بغموض طابع
الداخلانية الطفولية ستكشف عن توترات خاصة بالمجتمعات الديموقراطية التي سيؤدي
زخمها إلى التفكير في شخصية الطفل على نموذج شخصية الراشد: شخص ذاتي، مستقل، حر،
متمتع بالوعي و الحقوق... فأصبح بإمكان "التجربة" التربوية المعاصرة أن
تدرَّس كذلك كمنظور قادر على تفكيك المصطلحات البدائية للصورة العلاقة بالذات الحالية([13]).
بالمقابل،
فإن فهم أصل الصعوبات التي تعرفها التربية بجعلها في صميم العلاقة بالذات التي
أصبحت تشكل موضوعا معاصرا، سيساعد بالتأكيد على التخلي عن إدراك هذه الصعوبات و
كأنها عوائق خارجية، تتحكم فيما نعتبره جوهر حميمي لكينونتنا –فكرة وضع الذات في
مبدأ الوجود أو نهايته. بتعبير آخر، يبدو لي أنه في المجتمعات الديموقراطية تسيطر
فكرة مفادها أن الأفراد ليسوا فقط غاية، ولكن أيضا مبدأ لأشكال حياتهم ذاتها.
يمكننا القول مع مرسيل غوشيه،
[أن] مجتمعا من الأفراد، هو مجتمع من الذوات، أي كائنات هويتهم تكمن في
التأكيد الذاتي، داخليا و خارجيا، تتحدد كرامتهم من خلال العمل، حيث تتحدد مكانته
إزاء الآخرين، لا بما تحدده وضعية ما، بل بما ينتج عن فعل، من الكائنات التي لها
مؤسسة خاصة بها، ويشكل، باختصار، القيمة العليا، يسعون إلى أن يُعترف بهم، و يتم تقديرهم و
يكافؤون بهذه القيمة([14]).
الاعتقاد
الجماعي في هذا التأسيس الذاتي للذات، الذي نفكر فيه كشكل من أشكال التطور التلقائي
للإمكانيات الفردية، كشكل من الوصول المستقل إلى عالم القيم من قبل القوى الخاصة
بعقل متحرر من جميع الارتباطات الخارجية، لذاتية وقد بنت معارفها، سلوكاتها و
وجودها بإمكانياتها الخاصة، أو في إطار أية أشكال أخرى، هذا الاعتقاد هو بالضبط ما
يجعل التربية غير مُفكَّر فيها، إن لم يكن هذا مستحيلا. إن كان ضروريا أن يكون
الطفل هو الكاتب و الأب أو هو صاحب تكوينه الخاص، فإنه لم يعد بالإمكان رؤية كيفية
تصويغه و لا، بالتالي، كيف تمت تربيته؛ فالذات، باعتبارها علة ذاتها causa sui، لن تقبل
إلا التربية الذاتية كنموذج للتنمية. و بالعلاقة بما يمكن تسميته بمبدأ الذات، فمن
البديهي أن التربية، بالمعنى الذي يجعل منها مجموعة من الإجراءات التي تمكن راشدين
من تعديل الكائن و جوهره الحميمي، ستصبح بكل بساطة غير مقبولة.
مع ذلك لابد من الاعتراف أن التفكير في التربية باعتبارها مجرد «استقبال» لفردية
طفولية في طور النشوء بشكل تلقائي، لشخصية من المفروض العناية بها حتى تقبل العيش
في كنفها، لم يعد سهلا القيام بأكثر من «استعادة» إمكانية «التحلل» من تربية تدعي
جعل الأطفال مصممين ظاهريا على نفس النموذج. لن يكون بمقدورنا، في نظري، تحمل عبء
عواقب اعتقادٍ يضع الذات في أصل كيانها الخاص، وأن إرادة أو رغبة مسح هذا الشكل من
العلاقة بالذات –بحيث لن يشكل هنا مسألة إفتاء غير محتمل ل«موت الذات»، و لا لدعوة
ل«عودة الذات»- رجوعٌ غير ممكن بحيث أن غيابه غير ملاحظ. لم أعد مهتما ب«إتمام»
عملية إخضاع التربية لهذا المبدأ الخاص بالذات أكثر من اهتمامي بال«كشف» عن الطابع
الوهمي، أو الزائف أو الشاذ لهذا المفهوم. أعتقد أن فكرة ادعاء القيام بشيء ما
نظير «حل» ال«مسألة» التربوية تبدو مشبوهة، ذلك أنه بالنسبة للفرضية التي ترتبط
فيها هذه المسألة حقيقةً بالنشأة الوثيقة لعلاقتنا بالذات، سيبدو أن تجاوز الصعوبة
سيتطلب تغيير بنية كياننا الداخلي نفسه. و كيف يمكن تشكيل العلاقة بالذات التي نعمل
على تنظيمها دون محاولة تصور تكوينها البطيء، على الأقل؟ فمحاولة فك الارتباط، إلى
حد ما، مع الذات، من خلال تاريخ العلاقة بالذات تركز على التجربة التربوية، هي كما
أعتقد شرط أساسي لأي تقييم لهذه المشكلة.
Dubreucq
Éric, « Philosophie de l'éducation et philosophie du sujet. Pour une
enquête philosophique sur la figure modernede la subjectivité dans l'expérience
éducative moderne », Le Télémaque, 2006/2 (n° 30), p. 77-106. DOI :
10.3917/tele.030.0077. URL : https://www.cairn.info/revue-le-telemaque-2006-2-page-77.htm
هوامش
[1]- لقد حاولت،
لبضع سنوات مضت، العمل على بحث من هذا النوع، على فترتين مختلفتين، من خلال دراسة
الممارسات الدينية و اقتراحات علم الخلاص الديني sotérologique وأيضا
التقنيات التأويلية كمواضيع. في العصر القديم المتأخر أنظر: Le Coeur et l’écriture chez saint Augustin, Villeneuve-d’Ascq, Presses universitaires du Septentrion, 2003 ; «
Texte(s) et pratique(s) : les Confessions d’Augustin », communication à
l’Unité mixte de recherche 8519 « Savoirs et Textes » de Lille III en 2000.
وبالنسبة للعصر الكلاسيكي: « Méditation et pratique de soi chez
Malebranche », Methodos, no 2, janvier 2002 ; « Écriture et rapport à
soi dans les Pensées de Pascal », communication à l’Unité mixte de
recherche 8519 « Savoirs et Textes » de Lille III, mai 2004
[2] - M. Foucault,
Histoire de la sexualité. II. L’Usage des plaisirs et III. Le Souci
de soi, Paris, Gallimard, 1984 ; et « Entretien à propos de la généalogie
de l’éthique : aperçu du travail en cours », in H. Dreyfus et P. Rabinow, Michel
Foucault. Un parcours philosophique, Paris, Gallimard, 1984, p. 322-346
[3] -
M. Foucault, « Entretien à propos de la généalogie de
l’éthique… », p. 335
[4] - M. Foucault, L’Usage des plaisirs, p. 12.
[5] - M. Foucault,
« Entretien à propos de la généalogie de l’éthique… », p. 335.
[6] - لم يتم التوسع في هذا تعبير، الذي قرأته لأول مرة سنة
1984 في استعمال اللذة (ص. 12)، خلال دروس 1981-1982 المنشورة في تأويلات
الذات (Paris, Gallimard –Seuil, 2001) والتي تم
تقديمها بكوليج دو فرانس الذي لم ألجه بعدُ آنذاك.
[7] - M. Foucault, « Entretien à propos de la généalogie de
l’éthique… », p. 335.
[8] - M. Foucault, L’Usage des plaisirs, p. 16-17 (souligné par nous).
[9] - عند إعادة طبع هذا الجزء من المجلد سنة 1982، كان
الغلاف لايزال يعلن عن لائحة المؤلفات التي «ستصدر» وهي: « 2. La
chair et le corps. 3. La croisade des enfants. 4. La femme, la
mère et l’hystérique. 5. Les pervers. 6. Populations et races ».
Voir M. Foucault, Le Pouvoir psychiatrique, Paris, Gallimard – Seuil,
2003 et Les Anormaux, Paris, Gallimard – Seuil, 1999.
[10] - M. Foucault, « Entretien à propos de la généalogie de
l’éthique… », p. 333 et Le Souci de soi, p. 274.
[11] - M. Foucault, « Entretien à propos de la généalogie de
l’éthique… », p. 333.
[12] - بالفعل أعني بتعبير «مذهب تربوي» الطريقة التي تمت بها،
في وقت معين، محاولة وصف الطفل وكذا وصف ما يجب أن يكون عليه كي يصير الشخص
المطلوب من طرف المجتمع الحديث: وعلى هذا أصبح الطفل «أب الرجل» أو «مواطن
المستقبل».
[13] - وبالطبع، فإن مذاهب أخرى تجمع أيضا بين الوظيفة
المزدوجة للاقتراح والإلزام: مذاهب أخلاقية، سياسية، دينية (يمكنني أن أحيلكم على
الدراسات التي قمت بها على أوغسطين، و باسكال ومالبرانش). إلا أن المذاهب التربوية
لها هذا الاهتمام الإضافي حيث أن الإلزامات التي تدير العمل على الذات وتقنيات
الذات هي متجذرة في اقتراح يعمل جاهدا على اختراق لغز جوّانية طفولية وكأنها مولد و
أصل الجوانية البشرية، في الوقت ذاته الذي تتحدد خصوصيته، المرتبطة بحالة صغار
السن، في الانفلات و الاختفاء عن الأنظار
[14] - Voir M.
Gauchet, « L’école à l’école d’elle-même », Le Débat, no 37, 1985,
repris dans La Démocratie
contre
elle-même, Paris, Gallimard (Tel ; no 317), 2002, p.
144.