من الممكن تفهم أن تكون التربية الأسرية ذات علاقة بالنجاح المدرسي، ما
دمنا نعتبر الأولى بنية مفتوحة. فالنمو الادراكي مرتبط بمنظومة من القيم، وسيكون
من المستغرب عدم الأخذ بعين اعتبار مختلف القيم الموجودة لدى أنواع مختلفة من
الأسر. لنأخذ بعض الأنواع. قبول أسئلة وملاحظات الأطفال؛ تعزيز حب الاطلاع،
والاستقلالية وروح المغامرة؛ تقوية الثقة في النفس وروح المبادرة عند طفل انخرط في
هذه الخطوة أو تلك؛ تشجيع شاب على اتخاذ خطوة قد تكون ذات عواقب ضارة محتملة أو
محفوفة بالمخاطر؛ قبول بشكل ديموقراطي التعبير عن الاختلافات وأشكال التعارض؛ عدم التريث
الحذر عند الاستماع، وفي التعبير عن المشاعر الخاصة: هذه سلسلة مواقف وقيم معزِّزة
بشكل كبير للنمو الادراكي للطفل. مَن منا لا يزال يجرؤ على القول أن هذه المواقف ماتزال
موجودة عند جميع الأسر؟ إن الآباء الميسورين، وكما ينبه ج. رافن إلى ذلك، قادرون
على تنمية شهوة الاستمتاع بالكتب، وإمكانية الحصول على المعلومة، وروح الابتكار، وتحمل
المسؤولية والقدرة على القيادة. بالمقابل، تشجع فئة الضعفاء أبناءها على
الاستقلالية، والمرجعية، والخضوع السريع، والقدرة على الدفاع عن النفس، والقوة
البدنية والانسياق الفكري والخلقي.
علينا ألا نُخطئ الرهان. «إن الترابط المقبول بشكل عام بين الوسط الأسري،
والنجاح المدرسي والنجاح الاجتماعي يتم إبطاله بواسطة البحوث. صحيح أن الآباء عامل
محدد في نجاح أو فشل أطفالهم. لكن الأمر لا يتعلق بالتأكيد بقدرة خاصة لتدعيم
النجاح المدرسي ولكن بقدرةٍ على تسهيل اكتساب الوسائل العقلية، والوجدانية
والمادية الضرورية لمواجهة الحياة، والتي يمكن أن تكون لها، بالمناسبة، تأثيرات
إيجابية على التمدرس». بتعبير آخر لسنا ندعم رؤية غريزية (نوع رائز الذكاء)، وإنما
خطة ثقافية و... تربوية. القدرات الادراكية تكتسب بالممارسة، إنها نتيجة وليست
نقطة بداية.
JEAN HOUSSAYE .Les valeurs dans l’éducation, Paris, P.U.F, 1992