E.P.
Question de Philo
N°35 - Trimestriel - Septembre - Octobre - Novembre
2024
PP : 28-29
التربية، كتعلم لمختلف المعارف، تبدأ لدى حديثي السن
باكتساب المعارف الأساسية، أي بمحو الأمية. في هذه السن يتعلم الأطفال القراءة
والكتابة بفضل التعليم الابتدائي وتأطير الوالدين. هي مرحلة أساسية تسمح للتلميذ
بمتابعة تعليمه المستقبلي بالإعدادية والثانوية والتعليم العالي. لكن التعليم هو
أيضا تعلم ضروري يبيح لكل شخص بتنمية شخصيته وهويته، وأيضا قدراته الجسمية
والفكرية. كما يبيح التعليم، على الخصوص، بنقل المبادئ المشتركة إلى لأجيال
الجديدة، والحفاظ على قيم جميع المجتمعات واستمرارها. وهو بهذا يساهم في تنموية
الشخصية من خلال تعزيز الاندماج الاجتماعي والمهني.
الحق في التعليم وأطرافه
يشمل الحق في التعليم ثلاثة جهات فاعلة رئيسية: حكومة كل
بلد كمزود و/أو مورد تمويل للتعليم العام، والطفل باعتباره المالك الرئيسي لحق
التمدرس والملزم بالخضوع للتعليمات المتعلقة بالتعليم الإجباري، وآباء الطفل الذين
هم "أول المربين".
وفقا لاتفاقية حقوق الطفل، التعليم حق تكفله الدول،
وعليه أن يحقق الأهداف التالية:
-
أن يحقق نمو شخصية الطفل وتطور مواهبه وقدراته العقلية والجسدية، إلى أقصى
حد؛
-
ترسيخ لدى الطفل احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وكذا المبادئ المرتبطة
بها في ميثاق الأمم المتحدة؛
-
ترسيخ لدى الطفل احترام والديه، وهوياته، ولغته الأم وقيمه الثقافية، إضافة
إلى احترام القيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيها، والبلد الذي قد يكون قدم منه
وللحضارات المختلفة عن حضارته؛
-
إعداد الطفل لتحمل مسؤولياته للحياة في مجتمع حر، بروح من التفاهم،
والسلام، والتسامح، والمساوة بين الجنسين والصداقة بين جميع الشعوب والمجموعات
الإثنية والقومية والدينية، والشعوب الأصلية؛
- ترسيخ احترام البيئة الطبيعية لدى الطفل.
اقرأ أيضا: قراءة في عنوان كتاب "الدرس الديني وعوائق بناء قيم التسامح"
التعارض بين التدريس ونقل
المعرفة
يكمن المشكل في وجود تعارض بين التدريس ونقل المعرفة، كما
بلوره جان نويل دومون، فيلسوف التربية. أما الأول فيحدث في فضاء قاعة تدريس، وأما الثاني
فينتشر في الزمان، من جيل لآخر، وسط عائلة وضمن جماعة. من هنا تتأتى الأدوار
المختلفة جدا والأكثر تكاملا بين المدرسين والآباء.
المدرس يمرر، وينقل معرفة، ويدرّس التخصصات والتقنيات
القائمة على المهارات؛ المعلم ينقل رؤيةً للعالم، وقيما، ومواقف داخلية وسلوكيات،
بناءً على تجربته. إننا ندرس ما سبق لنا تعلمه، وتحليله؛ وننقل ما سبق لنا تلقيه،
واستدخاله. التدريس مسألة مناهج ومفاهيم؛ أما النقل فغير قابل للنمذجة، لارتباطه بالوجود
والحياة. وبعبارة أخرى، إننا ندرس ما نعرفه وننقل ما نحن عليه. وما نحن عليه،
بالتعريف، يفلت منا، يتجاوز كل ما يمكننا معرفته.
في هذه الأثناء، هل يمكننا البقاء في موقف المعارضة،
خصوصا في مجتمع نووي وضعيف في النقل كما هو حال مجتمعنا، والذي يعاني من فقدان النقاط
المرجعية ومن السلطة؟ المسألة مسألة نظرية من حيث أن المدرسة، بحكم الواقع، ترى
نفسها مكلفة بمهام تربوية لم تعد الأسرة ولا باقي الهيئات الوسيطية، التي تعيش
حالة تفكك، تقوم بها. وكما يؤكد جان نويل دومون «لأن النقل والتدريس هما
بالتحديد متعارضان، لابد لنا من الاستمرار في التمييز والعمل على الجمع بينهما في
آن واحد»
إقرأ أيضا: الفلسفة والتربية
مسارات إجابة
تم تحديد العديد من المسارات من طرف فلاسفة التربية، مثل
لوك فيري وجان نويل دومون، لحل هذا التعارض جزئيا.
v
جعل المدرسة «منزلا معتادا»
هي في الواقع مجرد قاعة انتظار في محطة لا يكون فيها كل
واحد –أساتذة وتلاميذ- سوى عابرين. منزل لأنها أولا وقبل كل شيء ملاذ محمي من جميع
أشكال العنف الخارجي: لا يمكن للانتباه وصفاء الذهن والثقة الضرورية في المعرفة أن
تزداد إلا حيثما يوجد ما يكفي من السلام والأمن الكافيين. حينها تكون فضاءً منسوجا
من التماسك والانسجام، بعيدا عن صخب الأيديولوجيات والآراء المتناقضة: يقول دومون «التعليم
هو الغزو التدريجي للتعقيد. حين نلقي الطفل في الخضم ما هو معقد في عالمنا على حين
غرة، فإننا لا نجعل منه كائنا مندهشا ومُستغربا، بل تائها في حالة يأس»
v
الجرأة على تقديم مقترحات تحمل معنى
يعاني التعليم في وقتنا الحالي من تضخم في المناهج على
حساب المضامين. نعم إن هذا لتحصيل المعارف وإتقان التقنيات، لكن لماذا؟ خدمة لأي
القيم؟ أليس الذكاء الإنساني كائن لشيء أسمى من أن يكون وسيلة للارتقاء والنجاح؟ فأن
تربي طفلا يعني أن تقدم له عالما معقولا، عالما سيرغب فيه إلى الانتماء والابتكار،
أن يتحمل فيه بدوره المسؤولية على أمل أن ينقلها إلى غيره.
من الواضح أن أطفال اليوم يحتاجون للتعليم، ونقل المعارف
والتربية. هذه أدوار من الواجب أن يتشاركها مختلف الفاعلين التربويين وجميع الأسر والجهات
الفاعلة.