إريك دوبروك
اقرأ لنفس الكاتب: جينيولوجية السلطة والمؤسسة التعليمية: المراقبة والمعاقبة: ج 1 وما يليه
لا
وجود في عمل ديكارت لأي دراسة في التربية ولا أي فصل عن "مؤسسة"
الأطفال. لكننا، كما هو معروف، نصادف فيه تعابير تتناول هذه المسائل وكأنها جاءت
عن طريق الصدفة: ف«كلنا كنا أطفالا قبل أن نكون راشدين»([i]).
تشير هذه القولة، وكنوع من الأدلة، أن الطفولة ليست طبيعة ولا حتى حالة، وإنما
وضعية طارئة ومؤقتة، تتموضع في المقدمة. لا يبدو، بالتأكيد، أن ديكارت ينسب إلى
هذه الحقبة قيمة جوهرية. ومع ذلك أود أن أبين أنها تدخل ضمن نموذج عام، يمكن تمييزه
في سياق صفحات معينة، تعرّف الكائن الإنساني من خلال المرور من زمن الطفولة إلى سن
الرشد، باعتباره كائنا في طور التكوين.
في
ظل هذه الحالة الإنسانية التي جعل لها الزمن شكلا، تُمثل الطفولة مرحلة هي في نفس
الوقت أولية بالمعنى الكرونولوجي ونسبية بالنسبة لآخرها: لم يصر الأطفال بعدُ تلك
الكائنات المستقلة التي سيصيرونها([ii])؛
وهؤلاء، وقد صاروا رجالا –الذين بتسميتهم منذ ذاك بال«راشدين»([iii])-
لم يبقوا أطفالا كما كانوا في السابق. بحيث أنه، إن تبث أن الكائن الطفولي هو أقل
من الكائن المكتمل، فذلك ليس لأنه أقل جدارة بالاعتبار: ذلك أنه، في حالته
الطارئة، عابرٌ، أكثرُ ضعفا أو تابع، لكنه قادر على أن يصير مستقلا. إن التبعية
والخضوع اللذين يميزان الطفولة، إضافة إلى كونهما ذا طبيعة زمنية، عليهما في هذا
النموذج أن يكونا موضوع إنكار يجعلان فعل التربية متناقضا: هذه الأخيرة وهي ترتكز،
منذ الوهلة الأولى على استقلالية الكائن، عليها أن تنقلب على نفسها لإفساح المجال لعلاقة
متحررة مع الذات. إنْ شكّلت، خلال الطفولة، نتيجةً طبيعية لضعف ما، إنْ كانت –ربما
للضرورة- غير مكتملة، بل ضارة، كان من الضروري إذن اعتبارها مؤقتة ومعارضتها
بتربية أخرى.
اقرأ: )
Le Télémaque 2019/1 (N° 55) 55),
pages 41 à 53 Éditions Presses universitaires de Caen
الهوامش
[i]- Descartes, Discours
de la méthode et Essais [1637], in OEuvres de Descartes, publiées
par C. Adam et P. Tannery, t. VI, Paris, Léopold Cerf, 1902 [désormais noté AT
+ tome + page + ligne] : AT VI, p. 13, li. 3.
[ii] - إذا
كانت كلمة «رجل» تعني بالفعل «بشكل عام كل انسان»، فهي تعني على وجه التحديد «مصطلح
مرتبط بهذا السيد الإقطاعي الآخر»، وبالتالي شرط التبعية، وتعني أيضا الدخول في «سن
الفحولة» (cf. les articles « homme » du Thresor de la langue
française de Nicot [1606] et de la première édition du Dictionnaire de
l’Académie française [1694] : http:// portail.atilf.fr/cgi
bin/dico1look.pl?strippedhw=homme&dicoid=NICOT1606 et http://portail.
atilf.fr/cgi bin/dico1look.pl?strippedhw=homme
dicoid=ACAD1694&headword=&dicoid =ACAD1694 ; liens consultés le 1er
août 2018).
[iii]
- المصطلح
يعني إذن الكائن الناضج، الذي وصل نهاية مرحلة الطفولة: أي أن تحول المعنى من
المستوى الجسدي أو البيولوجي إلى المستوى العقلي قد بدأ للتو (بهذا كان من الممكن،
حتى القرن التاسع عشر، معارضة «الراشد» ب«الراجل الناضج») راجع الجانب الاشتقاقي
والتاريخي ل«راشد» على موقع CNRTL :
http://www.cnrtl.fr/lexicographie/adultes (تم الاطلاع على الرابط في 1 غشت 2018)
[iv] - Descartes, La
Recherche de la vérité par la lumière naturelle qui toute pure, et sans
emprunter le secours de la Religion ni de la Philosophie, détermine les
opinions que doit avoir un honnête homme, touchant toutes les choses qui
peuvent occuper sa pensée, et pénètre jusque dans les secrets des plus
curieuses sciences [vers 1631 ?*], in OEuvres de Descartes, éd. Adam
et Tannery, t. X (1908) (* cf. Descartes, Étude du bon sens, La Recherche de
la vérité et autres écrits de jeunesse [1616-1631], Paris, PUF, 2013).
[v] - Descartes, Meditationes de prima philosophia [1641], in OEuvres
de Descartes, éd. Adam et Tannery, t. VII (1904) ; Les Méditations
métaphysiques touchant la première philosophie [1647], t. IX (1904).
[vi] -Descartes,
Lettre à Élisabeth du 21 mai 1643, in OEuvres de Descartes, éd. Adam et
Tannery, t. III : Correspondance, janvier 1640-juin 1643 (1899), p. 663 sq.
[vii] -يظهر المصطلح منذ السطر الرابع من La Recherche de la vérité, AT X, p. 495, li. 12.