نعم، حلمنا
بنصف النهاية فتحققت. يستمر الحلم، لكن قدمينا راسختان في الأرض: الكرة جلدة
منفوخة بالهواء. الربح أو الخسارة مسألة أجزاء المئة من عمر المباراة، ونحن
رياضيين بصدر رحب. قد فشلت فرق قوية في تحقيق الحلم، ونجح المغرب في تحقيقه، ولم
تكن أبدا مسألة حظ، كانت خطة محكمة من مدرب مغربي من البلد. بخطته سيلعب الفريق
مباراته الغد، والتي سيكون فيها، كيفما كانت النتيجة، رابحا. ليس مغربيا أبدا مَن
أدار وجهه، ودوّن ما يسوء لهذا الوطن، لأن هذا الوطن "قادر عليها": أشاع
الفرحة وجمع حولها بقية العرب والثالثيين. كل من خدش وجه العرب بلومة ليس عربيا.
سيعيش المغرب
والعرب بفرحة هذا الحلم لأيام طويلة، سيكررون مشاهدة الصور والفيديوهات، وسيعشون
لأيام تلك الخلجة القوية في دواخلهم، رجة عنيفة لا تضعف بسالتهم. ستكرر الفرحة
بالنصر لأن الفرق بين الحلم والحقيقة ارتفاع بسنتيمترات قليلة أكثر من الحارس..
إنه حادث لا محالة
+++++
في المربع
الذهبي أربع فرق/دول: الأرجنتين (احتفلت لوحدها في أمريكا كلها)، كرواتيا (احتفلت
لوحدها في أوربا الشرقية)، فرنسا (احتفلت لوحدها في أوروبا الغربية) والمغرب
(احتفلت معه دول عربية وإسلامية وثالثية)
لماذا؟ هل
طرحت على نفسك السؤال: لماذا؟
تصعب
الإجابة، لكن هل تذكر حين وُلدت، حين كبّر جدك أو أبوك، حين زغردت نساء محيطك من
قلوبهن فرحا، حين عقيقتَك رقصت مجموعات بكل الأهازيج الشعبية، وحين اجتهد كل بحسب
قدرته على تأثيث سريرك؛ حينها، أتذكر، تبسّمت في دعة منشرحا لهذا الاستقبال الشعبي
لقدومك، وأدركت أن القلب الذي احتضنك بحبٍ كان أكبر من أن تلفه يديك الصغيرتين
فتركته يغمرك.
الحب الذي
غمرنا من قطر هو أوسع جدا من أن تدركه فردانية ما فوق حداثية هذا العالم، فهو لم
يرد بعد أن يغادر انسانيته الحقة.
++++
شاردة في شكل سؤال
حينما حصل
الفريق الغيني على ضربة الجزاء ضد فريق الأرغواي ضمن مباريات كأس العالم 2022،
أحاط عدد من الغينيين بنقطة الجزاء في الوقت الذي أمسك العميد بالكرة في انتظار أن
يقر حكام "الفار" بضربة الجزاء. ما يهمني هو هذا الفعل، الذي سيقال عنه
إنه صادر عن عقلية افريقية متخلفة. لا أعتقد أن كل اللاعبين ناقصي تعليم، إنهم
سارعوا إلى القيام بتلك الحركة بوعي منهم أن ذلك جزء من نظام مرجعي يعكم سلوكهم
الثقافي والاجتماعي والنفسي. وهو ما دافعوا عنه باستماته وسط المربع، لأنهم وهم في
قطر يدافعون عن ثقافة، لا ثقافة برانية مركزية.