أخر المقالات

كاتب في باريس: سياحة مبدع




نورالدين البودلالي
باريس تفتح أياديها إليكم، تستقبلكم بحرارة إبداعية فريدة: باريس الكاتب مبارك حسني. إنها لا تتقدَّم لكم بمآثرها وتماثلها وأنفاق الميترو، ولا حتى سراديب السين، إلا من صياغات ابداعية في شكل قصص قصيرة ومحكيات. جولة بالعديد من أزقتها وشوارعها ومحجاتها، يقودها الكاتب نفسه بريشة دقيقة وسامية، حيث «الكاتب في كل مكان».
«كاتب في باريس» آخر إصدارات القاص المغربي مبارك حسني، عن مكتبة السلام الجديدة. 120 صفحة قسمها إلى فصلين: قصص قصيرة ومحكيات. هي تجربة المؤلف في رحلاته لباريس، ليس كرحالة و لا مؤرخ، لكن كمجالس لرامبو أو زائر بيكث، بل وحتى مقرفصا جنب ال"بدون مأوى". باريس أخرى لا تقفقف من برد حديد برج إيفيل حتى وإن حاداه.
هي إذن قصص ومحكيات، الفارق بينهما «ضرورة الفصل بين ما يلتزم القاعدة وما يتحرر منها». وهي كتابة لا تبارح باريس، تسمي قصصها بأماكن شتى وبلغتها الأصلية: الفرنسية. أكثر من ذلك إنها ليست أصيلة ملتزمة بالقاعدة اللغوية، هي تجرب صياغات فرنسية بحروف عربية. ولأن المغامرة اللغوية تهويه، تماما كمغامرة السفر أحيانا في هوامش المدينة، فهو لا يتوانى عن قراءتها بأعينه اللاقطة لكل تمفصل انساني في باريس العامرة حتى وهي ماطرة. ف "بكل بساطة، أنا [الكاتب] أحب باريس تحت المطر".
اثنا عشر قصة قصيرة وست محكيات أدبية، تلكم مأدبتكم، إذ لا جولة دون مأدبة دسمة. وكعادة الكاتب مبارك حسني، إضافة للحكي القصصي الذي يشد النفس، لغة رصينة لكنها سامية، يعمل بمهنية على قطفها ورصها لتشكل باقة أدبية يانعة. إنه يقتنص اللحظات السردية، ويتحكم في تبلورها حتى لا تنفلت منه مطنبة في الأحداث ومسهبة في التوصيف: كل بمقدار.
مبارك حسني ليس بالقاص فحسب، إنه ناقد تشكيلي وسينمائي، يسهم ثقافيا بكتاباته ومداخلاته في مواضيع أدبية وفنية. وهذا بالتأكيد ما يجعل قلمه ذا طابع مميز: "هي الكتابة وما تفرضه في غفلة عنا" قبل هذا وذاك.
     

نورالدين البودلالي
بواسطة : نورالدين البودلالي
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-